وسط حضور دولي كبير؛ افتتح معالي الأستاذ محمد بن عبد الله الجدعان وزير المالية صباح اليوم الثلاثاء 6 شعبان 1438هـ، الموافق (2 مايو 2017م)، الدورة الثانية عشرة لمؤتمر "يوروموني السعودية 2017"، والمعرض المصاحب، الذي تنظمه مؤسسة (يوروموني العالمية) بالشراكة مع وزارة المالية، ويحظى بحضور مسؤولين حكوميين وخبراء دوليين، ومصرفيين، ومسؤولي القطاع المالي على مستوى المملكة،والصعيد العالمي.
يبحث المؤتمر عدة موضوعات استراتيجية مهمة، تتعلق بالمشروعات المنسجمة مع رؤية المملكة 2030. والآفاق الاقتصادية لـلعام 2017م، ويشهد عقد جلسات خاصة حول برنامج إصدار السندات في المملكة، وآفاق القطاع النفطي، وحلقات نقاشية حول خطط الخصخصة، والاكتتابات العامة. كما يستضيف المؤتمر جلسة حوارية خاصة حول التقنيات المالية، والأمن (السيبراني)، وهو الأمن المعني بمجموعة الوسائل التقنية والإدارية، التي يتم استخدامها لمنع الاستخدام غير المصرح به.
اسـُـتهل برنامج المؤتمر بافتتاح المعرض المصاحب، حيث تجول معالي الأستاذ محمد الجدعان وزير المالية، وأصحاب المعالي والسعادة والضيوف المشاركين في أروقة المعرض وخلال منصات وأجنحة الجهات المشاركة من القطاعين العام والخاص، واستمع معاليه لشرح عن محتويات عدد من المنصات والأجنحة المعروضة، من أبرزها جناح وزارة المالية، الذي يتكون من وحدة السياسة المالية الكلية، ومكتب إدارة الدينالعام، ومبادرات وزارة المالية ضمن برامج التحول الوطني.
بعدها؛ جرت مراسم افتتاح المؤتمر بآيات من الذكر الحكيم. ثم ألقى معالي الوزيرالجدعان كلمته، التي رحب في مطلعها بالحضور والمشاركين من داخل المملكة وخارجها، مثمناً جهود القائمين على تنظيم هذا المؤتمر المهم منذ تاريخ انطلاقهبالشراكة مع وزارة المالية في العام 2005م. ثم تحدث عن أداء الاقتصاد العالمي الذي يشهد تحسناً ملحوظاً – رغم التحديات الراهنة – نتيجة استمرار تعافي أداء الاقتصاد الأمريكي، وقيام الصين بتبني سياسات اقتصادية توسعية للحد من تباطؤ النشاط الاقتصادي.
كما تناول معاليه واقع الاقتصاد السعودي؛ مؤكداً متانة المركز المالي للمملكة في ظل ارتفاع حجم الاحتياطات المالية، وتضاعف الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات العشرة الماضية، حيث يمثل حوالي (50 %) من اقتصاد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويشكل ثالث أكبر احتياطي للعملة في العالم. كماتحدث معاليه عن مستوى الدين العام، معتبراً أنه الأقل من بين دول مجموعة العشرين، وهذا من شأنه أن يُسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، والحد من الآثار السلبية الناتجة من انخفاض أسعار النفط. وأن السياسات النقدية التي تتبعها المملكة ساهمت في تعزيز الاستقرار النقدي والمالي.
كما ذكر معاليه أن المملكة تشهد اليوم نقلة نوعية غير مسبوقة، تعزز من متانة اقتصادها، حيث قامت وزارة المالية بإنشاء وحدة مختصة بالسياسات المالية الاقتصادية، التي تهدف إلى حوكمة سياسات الوزارة المالية والاقتصادية، وإنشاء مكتب للدين العام يُعنى بإدارة الدين العام للمملكة. وأضاف: "حقق مكتب الدين العام اهتماماً كبيراً من قبل المستثمرين لأول إصدار دولي في برنامج الصكوك السعودية الدولية، حيث تجاوز المجموع الكلي لطلبات الاكتتاب لهذه الصكوك مبلغاً قدره 33 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 123,75 مليار ريال سعودي، وكان الحجم الإجمالي للإصدارات 9 مليارات دولار أمريكي ما يعادل 33,75 مليار ريال سعودي. ما يؤكد الثقة في اقتصادنا ومساره المستقبلي.
وحول الاصلاحات الاقتصادية التي قامت بها حكومة المملكة؛ ذكر معاليه أنه تم إجراء إصلاحات مالية واقتصادية هيكلية للتنويع الاقتصادي، مع التركيز على رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، فضلاً عن قيام الحكومة بوضع برنامج وطنيباسم "حساب المواطن" يهدف للحد من الآثار المحتملة جراء تطبيق تلك الإصلاحات الاقتصادية على تكاليف المعيشة والقوة الشرائية، خصوصاً للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
كما أشار إلى أن الحكومة تبنت أكثر من 150 مبادرة لرفع كفاءة الإنفاق التشغيلي والرأسمالي في جهات حكومية مختلفة. كما أشار معاليه إلى البرامج العشرة التي أعلنتها الحكومة استكمالاً لبرنامجي التحول الوطني والتوازن المالي، موضحاً أن السياسات المالية بالمملكة تركز على تنويع مصادر تمويل المالية العامة، وتحقيق أعلى مستويات الشفافية وأفضل الممارسات في إعداد وتنفيذ الميزانية، مع مراعاة الآثار الاقتصادية المحتملة جراء ضبط أوضاع المالية العامة، لاسيما على مستوى التوظيف ومعدل التضخم ونمو الأنشطة الاقتصادية محليا، ولذلك فقد رصدت الحكومة ضمن ميزانية هذا العام انفاقا يزيد عن اريعين مليار ريال للانفاق على مبادرات التحول الوطني كما رصدت حوالي مئتين وعشرين مليار ريال اضافية للانفاق على مبادرات التحول الوطني خلال السنوات الثلاث القادمة.
وبشأن تفعيل دور القطاع الخاص في دعم النشاط الاقتصادي وتوليد الوظائف؛ ذكر معاليه أنه تم تحديد حزمة تحفيزية بمئتي مليار ريـال على مدى أربع سنوات تبدأ هذا العام ولأجل مشاركة القطاع الخاص في تقرير المبادرات المناسبة لحزم التحفيز عُقدت سلسلة من ورش العمل مع ممثلين عن القطاع، ستنتهي في غضون ستةأسابيع، وسوف يتم الإعلان عن نتائجها بحلول نهاية الربع الثاني.
كما أكد أن السياسات الحكومية ستركز على إصدار التشريعات الهادفة إلى تعزيز نمو القطاع الخاص، ودعم تنمية المحتوى الوطني، وتوفير المزيد من الفرص الاستثمارية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ورفع كفاءة سوق العمل وزيادة الوظائف. كما تطرق معالي الوزير الجدعان إلى أن الدولة ممثلةً بوزارة المالية تولي اهتماماً خاصاً في مشروع توحيد وتسهيل إجراءات المنافسات والمشتريات الحكومية عبر بوابة الكترونية متكاملة وهي بوابة "منافسات"؛ لتكون نموذجاً وطنياً وفق أفضل الممارسات العالمية يحقق الريادة والتنافسية عبر دعم مبدأ الشفافية بين الجهات الحكومية والموردين. كما أعدت الوزارة آلية تسديد مستحقات القطاع الخاص بحيث لا يتجاوز 60 يوماً من وصول أوامر الدفع للوزارة مستكملة الإجراءات من الجهة المستفيدة. وأنه تم تفعيل ذلك والالتزام به منذ بداية العام الجاري، وكشف أن (90 %) من المدفوعات تتم الآن في غضون 30 يوماً.
وسعياً لتطوير إطار متكامل للميزانية العامة وتعزيز مستوى الشفافية والمراقبة المالية؛ذكر معالي وزير المالية أن الوزارة تقوم بالتنسيق مع الوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة لجمع المعلومات عن الظروف الحالية للاقتصاد الكلي، حيث تم البدء في إعداد تفاصيل الميزانية للعام القادم مع الجهات وفقاً للسقوف المعتمدة من بداية السنة المالية الحالية. وكشف معاليه أن الوزارة بصدد إعلان التقرير الربعي للميزانية العامة للدولة للربع الأول من العام الجاري خلال أيام لهدف تعزيز الشفافية والإفصاح المالي.
عقب ذلك؛ جرت جلسة نقاش مع معالي الأستاذ محمد الجدعان من قبل كريستوفر غارنيت أحد المستشارين الدوليين لمؤسسة "يوروموني العالمية"؛ تناولت مواضيع محورية كمسؤوليات واجراءات وزارة المالية بعد تولي الجدعان قيادتها، وكيفيةالتوازن الذي تقوم به الوزارة بين مساري التقشف والحاجة إلى النمو، وكذلك مسؤولية الوزارة في تعزيز الوظائف، خاصةً الوظائف الصغيرة والمتوسطة الحجم في القطاع الخاص، إلى جانب إصدار الديون السيادية السعودية.