افتتح الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف وزير المالية صباح هذا اليوم الثلاثاء 26/3/1432هـ في فندق فورسيزونز بالرياض ( الملتقى الاقتصادي السعودي ) الذي تنظمه مجموعة الإقتصاد والأعمال ، وفي بداية اللقاء هنأ الدكتور الجميع بعودة خادم الحرمين الشريفين ــ يحفظه الله ــ إلى أرض الوطن سالماً مُعَافى ، سائلاً الله العلي القدير أن يُسبغ عليه لباس الصحة والعافية .
و قال الدكتور في كلمته الافتتاحية أن برنامج المؤتمر يتضمن عدداً من المواضيع المهمة مثل : آفاق الإقتصاد العالمي ، والمحركات المستقبلية للإقتصاد السعودي ، والدور المطلوب من القطاع الخاص ، وهذه مواضيع دائماً محل بحث وتدقيق لإستشراف المستقبل والتعرف على أفضل الممارسات ، والمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين ــ حفظه الله ــ تسعى وبشكل متواصل للإستفادة من التجارب العالمية الناجحة في مسيرتها التنموية ، وتحرص على التشغيل الأمثل لمواردها لتحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة ، وبنظرة على تخصيصات الميزانية العامة لهذا العام تؤكد على هذا التوجه ، حيث نجد إستمرار الإهتمام الكبير بالتنمية البشرية من خلال الإنفاق السخي على التعليم والتدريب والصحة والخدمات الإجتماعية الأخرى ، وكذلك الإستمرار في تنفيذ بُنية تحتية حديثة مع السعي لتسهيل أداء الأعمال وخفض تكاليف النشــاط الإقتصادي ، ونتيجــةً لذلك إحتلــت مرتبة متقدمة جداً في التصنيف العالمي من حيث سهولة ممارسة أنشطة الأعمال ، كما أن النظام الضريبي في المملكة يُصَنّف في المرتبة السابعة عالمياً في حفز الإستثمار .
و أضاف الدكتور : لست بحاجة للحديث عن الوضع الإقتصادي العالمي والإقليمي إذ لا يزال العالم يعيش آثار أزمة مالية غير مسبوقة وتفاوت النمو بين مناطق العالم لكن إقتصادنا ــ ولله الحمد ــ تَمَكّنَ من عبور مرحلة الأزمة بآثار قليلة مَكّنَ من ذلك السياسة الإقتصادية التي تتبنّاها المملكة ، والإنفاق المُحَرِك للنمو والمُحَفّز للتنمية من خلال التركيز على البنيتين المادية والإجتماعية مع إهتمامٍ خاص بالمشاريع التي تمس القطاع العريض من المواطنين .
و أود في هذا الخصوص الإشارة إلى دراسة حديثة صدرت عن صنــدوق النقــد الدولي عن مدى فعالية سياسات المالية العامة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي حيث تفيد في خلاصتها بأن زيادة إنفاق المالية العامة في المملكة بنسبة (15%) يؤدي إلى زيادة معدل نمو الناتج المحلي غير النفطي بنسبة (2%) على المدى القصير ، وبنسبة (5%) على المدى الطويل إذا إستمر الإنفاق على نفس المستوى ، وبالتأكيد عندما تكون معظم الزيادة في الإنفاق هي إنفاق إستثماري ــ كما هو الحال في المملكة ــ فإن التأثير الإيجابي على النمو يكون أعلى .
و اتفقت الدراسة مع سياسة المملكة الإقتصادية المتمثلة في دعم النشاط الاقتصادي في القطاع غير النفطي التي تبنتها بعد الأزمة المالية الأخيرة .
و ذكر الدكتور أن العالم يتابع ما تمر به المنطقة العربية من أحداث تُلقي بظلالها على نظرة المستثمرين وتوقعاتهم ، إلا أنني أود في هذه المناسبة التأكيد بأن الوضع المالي والإقتصادي في المملكة مستقر ــ ولله الحمد ــ ولم نلحظ أي تحركات مالية غير طبيعية ، فالمملكة مستمرة في برنامجها الإستثماري الضخم ، ومن ذلك ما أُقر من إنفاق إستثماري في ميزانية هذا العام 2011م والذي بلغ (256) مليار ريال ، ونتوقع أن يتجاوز الرقم الفعلي ما قُدّر في الميزانيــة نتيجةً للقــرارات التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين ــ حفظه الله ــ بمناسبة عودته سالماً إلى أرض الوطن ، وكما لاحظتم رُوعي في هذه الأوامر تجسيداً لإهتمامه الدائم ــ حفظه الله ــ بالمجالات التي تمس الفئات الأكثر حاجة في المجتمع من إسكان وإقراض مُيسر ، وأدخلت لأول مرة إعانة مؤقتة للعاطلين عن العمل كخطوة أولى لوضع تنظيم متكامل مما يعد حلقة مهمة من شبكة الضمان الإجتماعي بمفهومه الشامل .
و بهذه المناسبة أود أن أشير إلى أنه بُدأً من هذا اليوم التنفيذ الفعلي لهذه الأوامر ، وقد سمعتم بشائر هذا التنفيذ وذلك في إعلان الصندوق العقاري عن إصدار قائمة بعشرين ألف قرض لتمويل ألف وحدة سكنية ، وسوف تسمعون هذا اليوم ما يسر حول قروض البنك السعودي للتسليف والإدخار ، وبشكل عام من جانبنا فقد تم إضافة المبالغ التي صدرت بها الأوامر الملكية لميزانيات الجهات المعنية كالصندوق العقاري وبنك التسليف ووزارة الشؤون الاجتماعية والرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة الثقافة والإعلام ، وهناك إهتمام كبير ومتابعة من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وسمو النائب الثاني للتأكد من تنفيذ بقية الأوامر بالسرعة اللازمة .
و نتوقع أن يكون للإنفاق المرتبط بهذه القرارات أثر إيجابي إضافي على النشاط الإقتصادي المحلي ومن ثَمَّ النمو لهذا العام والأعوام التالية ، وما يجعلنا أكثر تفاؤلاً تصميم الحكومة بقيادة خادم الحرمين الشريفين تنفيذ برامج الإصلاح والتنمية ودعم القطاع الخاص لتعزيز دوره كشريك إستراتيجي في التنمية ، وما أعلنته المملكة في خططها التنموية الخمسية التاسعة من برنامج إستثماري ضخم يبلغ حوالي (1444)مليار ريال حتى عام 2014م .
كما أضاف الدكتور أنه وفي الوقت الذي نفخر بما تَحقق من إنجازات إقتصادية ملموسة مثل مواصلة نمو الناتج المحلي وانخفاض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي والتصنيف العالمي الممتاز لبيئة الأعمال ومناخ الإستثمار في المملكة والذي عكسته العديد من المؤشرات العالمية إلا أن الطموحات كبيرة وما تحقق من إنجازات دافع للمزيد وسبب لتفاؤل أكثر في المستقبل .
و في الختام تمنى الدكتور أن يُسهِم الملتقى في إلقاء مزيد من الضوء على تطورات الإقتصاد السعودي في ظل ما يشهده العالم من تحولات إقتصادية وأحداث غير مسبوقة متطلعاً إلى ما سيخرج به من مرئيات وتوصيات تُسهم في تعزيز مسيرة إقتصادنا الوطني .