إفتتح معالي الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف وزير المالية صباح يوم الثلاثاء الموافق 1/7/1433 هـ مؤتمر اليورومني في دورته السابعة والذي تنظمه ( مؤسسة اليورومنى للمستثمر الدولي ) بالتنسيق مع وزارة المالية تحت عنوان ( الإستقرار والنمو والتوظيف في المملكة العربية السعودية ) ، والذي عقد في ( قاعة الأمير سلطان ) في فندق الفيصلية بالرياض وذلك بحضور عدد من أصحاب المعالي الوزراء ورؤساء مجالس إدارات البنوك والشركات السعودية ورجال وسيدات الأعمال السعوديين والإعلاميين والمهتمين بالشؤون المالية والإقتصادية .
وقال معاليه في كلمته : يسرني أن أرحب بكم في افتتاح مؤتمر اليورومني في دورته السابعة والذي تنظمه مؤسسة اليورومني للمستثمر الدولي بالتنسيق مع وزارة المالية ، وأرحب على وجه الخصوص باللورد روثرمير رئيس مجلس إدارة صحيفة ديلي ميل ممثلاً للمؤسسة وأُقدم شكري الخاص للصديق العزيز بوريك فالون رئيس مجلس الإدارة والذي يغيب عنا هذا العام ، أشكره على جهوده الكبيرة في وصول هذا المؤتمر السنوي إلى ما وصل إليه من حضور دولي كبير حيث تجاوز عدد المشاركين 1500 مشارك ، وأتمنى له الشفاء العاجل وأن نراه في إجتماعنا القادم .
من محاسن الصدف أننا نجتمع هذا اليوم في نفس الوقت الذي نحتفل فيه بذكرى تولي خادم الحرمين الشريفين الحكم في المملكة وهو مهندس الإصلاح الاقتصادي والنهضة التنموية الكبرى التي تعيشها المملكة والتي أدّت إلى أن تُصبح المملكة مقصد المهتمين وبيئة إستثمارية دولية من الطراز الأول حتى في خضم التحديات الكبرى التي يواجهها الاقتصاد العالمي . لم تتغير خريطة الاقتصاد العالمي كثيراً منذ إلتقينا في مؤتمر العام الماضي ، إذ لم يخرج الاقتصاد العالمي تماماً من آثار الأزمة المالية العالمية ، حيث تشير التوقعات إلى أن التعافي الاقتصادي العالمي لا يزال متدرجاً ومفتقراً إلى التوازن ، فالنمو في الاقتصادات المتقدمة يتسم بالبطء مقابل نمو أقوى في بلدان الاقتصادات الناشئة ، ومما قد يعزز آفاق النمو ما إتخذته دول منطقة اليورو من إجراءات مهمة شَمِلت تقوية صندوق الاستقرار الأوروبي ، هذا بالإضافة لزيادة موارد صندوق النقد الدولي ليكون خط دفاع إضافي للحد من إحتمالات تفاقم أزمة المديونية ، وكذلك تحسن المؤشرات الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الإقتصاديات الناشئة ، لكن لا تزال المخاطر مرتفعة. ويتطلب تعزيز النمو العالمي قيام الإقتصادات المتقدمة باتخاذ مزيد من الإجراءات الضرورية لضبط المالية العامة على المدى المتوسط ، وتخفيض الدين العام وتأمين الاستقرار المالي ، وتعزيز الثقة والإنتاجية والنمو . ويمثل التعاون الدولي عاملا من العوامل الرئيسة للحفاظ على النمو العالمي وضمان الاستقرار .
وفي منطقتنا .. يمر عدد من الدول بتغيرات أدّت لزيادة المخاطر التي تهدد استقرار الاقتصاد الكلي وما قد تقود إليه من إنخفاض لمعدلات النمو وإرتفاع لمعدلات البطالة وإستمرار للضغوط المالية في ظل تقلص الحيز المتاح للسياسة المالية .
في هذه الأيام يكثر الحديث والنقاش حول أنجع السياسات المالية الكلية التي تؤدي إلى الخروج مما تمر به كل دولة من تحديات فما بين منادي للخروج من تلك الأزمة من خلال التثبيت المالي (التقشف) خاصة الإنفاق الحكومي وآخرون يدعون إلى التسهيل المالي والنقدي لحفز النمو والمملكة قد تكون من الدول القليلة التي جمعت بين الهدفين على المدى المتوسط من خلال سياسة عكس الدورة الاقتصادية وذلك بخفض العجز والدين ورفع المدخرات العامة خلال فترة الرخاء واستخدام هذا العمق المالي عند إنخفاض الإيرادات ، ولهذا تفادينا الآثار العكسية لتذبذب الإيرادات والإنفاق الحكومي على النشاط الاقتصادي.
وبالنسبة للاقتصاد السعودي ، فأشير إلى النمو الجيد الذي حققه الاقتصاد العام الماضي 2011م والذي بلغ حوالي 6.8 بالمئة ، ونتوقع إستمرار هذا الأداء القوي .
كما أن الآفاق الاقتصادية متوسطة المدى إيجابية مع توقع نمو قوي في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي ، ولعلنا نستمع من معالي الدكتور محمد الجاسر وزير الإقتصاد والتخطيط تفصيلاً أكثر لذلك وبالنظر للوضع المالي الحكومي الجيد على المدى المتوسط لا أرى أي عوائق والحمدالله أمام تنفيذ الحكومة لبرنامجها الإستثماري الضخم ، وكما تعلمون أعلن في ميزانية هذا العام 2012م عن حجم الإنفاق الاستثماري البالغ 260 مليار ريال وهو بنفس معدلات الأعوام الأربع الأخيرة ، وكما أشرت فقد أسهمت السياسة الاقتصادية الكلية (مالية ونقدية) التي إتبعتها المملكة خلال السنوات الماضية في توفير الحيز المالي الملائم لإتخاذ إجراءات قوية في مواجهة آثار الأزمة المالية العالمية وحافظت على متانة وسلامة القطاع المصرفي وفي هذا الخصوص أكد تقرير تقويم الاستقرار النظام المالي الصادر من صندوق النقد الدولي "أن المملكة قد واجهت الأزمة العالمية من موقع القوة وأخذت خطوات حاسمة لإدارة الأزمة " ولهذه الأسباب وغيرها أكدت مؤسستا التصنيف الدوليتين (s&p و Fetch) تقويمها السابق( ــ AA ) وكذلك النظرة المستقبلية المستقرة وهذا مهم حيث جاء بالرغم من الإضطرابات الاقتصادية الدولية الحالية ولكننا نطمح بتقويم أعلى مستقبلاً أخذاً بالاعتبار الوضع السياسي والأمني والاقتصادي الإستثنائي للمملكة .
في الوقت الذي نفخر بما تحقق من إنجازات إقتصادية ملموسة مثل مواصلة الناتج المحلي نموه الجيد وإنخفاض نسبة الدَين العام إلى الناتج والتصنيف العالمي المتقدم لبيئة الأعمال ومناخ الإستثمار في المملكة والذي عكسته العديد من المؤشرات العالمية ، إلا أن هناك عدداً من التحديات من أبرزها توفير فرص العمل المناسبة للمواطنين والتي تتطلب مواصلة الجهود لمواجهتها ، لكن ما تحقق
من إنجازات دافع للمزيد وسبب لتفاؤل أكبر في المستقبل .
ختاماً .. أتطلع إلى أن يسهم هذا المؤتمر في إلقاء مزيد من الضوء على آفاق النمو الممكنة في ظل إستقرار مالي وإقتصادي محفز للنمو وموفّر لفرص العمل المناسبة .