افتتح معالي الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان، وزير المالية أعمال مؤتمر "يوروموني السعودية 2018"، الذي تنظمه مؤسسة يوروموني العالمية بالشراكة مع وزارة المالية، يوم الأربعاء 16 شعبان 1439هـ الموافق 2 مايو 2018م، ويستمر على مدى يومين. في فندق الفيصلية بالرياض.
حضر المؤتمر ومعالي الدكتور فهد بن عبد الله المبارك الأمين العام في الأمانة العامة لمجموعة العشرين، ومعالي الأستاذ محمد بن عبدالله القويز رئيس مجلس إدارة هيئة السوق المالية، ومعالي الأستاذ سهيل أبانمي محافظ الهيئة العامة للزكاة والدخل، وسعادة المهندس خالد بن عبد الله الحصان المدير التنفيذي لشركة السوق المالية السعودية (تداول)، وجمع كبير من مسؤولين حكوميين وخبراء دوليين، ومصرفيين، وعدد من مسؤولي القطاع المالي على ا لمستوى المحلي والصعيد الدولي.
في كلمته الافتتاحية؛ أكد معالي وزير المالية أن العالم يشهد تقدماً واعداً، لوجود توقعات إيجابية لمعدلات النمو في الدول المتقدمة والأسواق الناشئة، ما يعزز التفاؤل بنمو اقتصادي أفضل في المملكة، رغم وجود بعض المخاطر حول بعض الأسواق العالمية، فضلاً عن التغيرات الكبيرة والمتسارعة في سوق النفط. مشيراً إلى أن الاقتصاد السعودي ليس بمعزل عن الاقتصاد العالمي، فالمملكة تتمتع بثقل اقتصادي كبير على المستوى الإقليمي والصعيد الدولي، ولديها فرص استثمارية ضخمة وواعدة لذا هي محط الأنظار والمتابعة من قبل كبرى الشركات والمستثمرين والمؤسسات المالية، وقد أشاد صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير حول مشاورات المادة الرابعة للمملكة بحجم الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، التي تقوم بها المملكة. كما أثنى الصندوق أيضاً على التقدم المحرز في تحسين بيئة الأعمال، إلى جانب الإجراءات المتخذة لتعزيز الشفافية والمساءلة الحكومية والتخطيط المالي الأمثل على المدى المتوسط.
وحول التقدم الإيجابي الذي تحرزه حكومة المملكة في برامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي بما فيها التدابير المالية ذكر معالي الوزير أن إعلان الميزانية العامة للدولة للعام الجاري، التي بُنيت ضمن إطار متوسط المدى وفق أفضل الممارسات الدولية، تؤكد فاعلية تلك الإصلاحات، خاصة أنها تُعتبر أكبر ميزانية توسعية مخططة في تاريخ المملكة، حيث بلغ إجمالي الإنفاق الحكومي المخطط 978 مليار ريال سعودي، إضافةً إلى الإنفاق عن طريق صناديق التنمية الصناعية والعقارية، وكذلك من خلال صندوق الاستثمارات العامة، الذي خصص له لهذا العام 133 مليار ريال سعودي، تركز على القطاعات الاستثمارية الاستراتيجية مثل: قطاعات الإسكان، والمواصلات، والبنى التحتية والخدمات الأساسية. مشيراً معاليه إلى دور القطاع الخاص في هذا التقدم؛ مؤكداً أنه يحظى باهتمام كبير من خلال رؤية 2030، التي تستهدف أن يكون المحرك الأساس للنمو والتقدم الاقتصادي، حيث وفرت الحكومة حزم تحفيزية، واستمرت في دفع المستحقات دون تأخير، وحققت المزيد من التسهيلات في الإجراءات الحكومية، ووفرت مزيد من الفرص الاستثمارية.
في ذات السياق؛ ذكر معاليه أن نتائج التقرير الربعي الأول لهذا العام، التي ستعلن قريباً تؤكد أن الحكومة سائرة بعزم وثبات نحو تحقيق مستهدفات المالية العامة والاقتصاد الكلي لهذا العام وعلى المدى المتوسط، وأن مؤشراته تعكس تقدماً مهماً في مسيرة الإصلاح الاقتصادي نحو تحقيق أهداف برنامج تحقيق التوازن المالي متوسطة المدى حتى العام 2023م،خاصةً في ظل تحقيق معدل ملحوظ في نمو الإيرادات غير النفطية، والاستمرار في وتيرة رفع كفاءة الإنفاق ، ما يعطي تفاؤلا بتحقيق هدف تعزيز الاستدامة المالية.
إضافةً إلى ما سبق،أكد معالي وزير المالية أن الحكومة وبمنطق الأرقام استطاعت خلال عامين بين 2015م و 2017م تخفيض العجز بنسبة (40 %) لتصل إلى (9 %) من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام 2017م وسيقل– بمشيئة الله - إلى (7 %) تقريباً بنهاية العام الجاري 2018م، مستشهداً معاليه بتقرير وكالة (موديز) للتصنيف الائتماني الأخير، الذي برهن على الثقة في برامج الإصلاح في المملكة العربية السعودية. وأن لديها القدرة على تحقيق النتائج المتوقعة.
كما استعراض معاليه عدداً من الإنجازات التي تثبت فعالية وكفاءة الحكومة. فقد نجحت وزارة المالية من خلال مكتب إدارة الدين العام في إعادة تمويل القرض المجمع بالحجم والإقبال الاستثنائي من المؤسسات المالية.وكذلك إصدار سندات دولية بقيمة ١١ مليار دولار في فترة قياسية، حيث بلغ إجمالي الطلبات أكثر من ٥٢ مليار دولار. كما نجحت في إدراج وتداول أدوات الدين الصادرة عن حكومة المملكة بعدد 45 إصداراً بقيمة 204 مليار ريال سعودي في السوق المالية السعودية (تداول). ما يسهم في تعميق سوق الصكوك والسندات، الذي بدوره سيساعد في زيادة السيولة في السوق الثانوية.
وحول كفاءة الإنفاق؛ ذكر معاليه أن الحكومة حققت عن طريق مكتب ترشيد الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي وفورات تقدر بحوالي ١٢ مليار ريال سعودي للربع الأول لهذه العام ليصل إجمالي الوفورات التراكمية إلى ٦٨ مليار ريال سعودي. مع الاستمرار بعمل برنامج (حساب المواطن) للأسر المستحقة لمعالجة الآثار السلبية التي قد تنتج من الإصلاحات المالية. حيث تم تخصيص 32 مليار ريال في ميزانية هذا العام لهذا الغرض.إلى جانب الصرف للقطاع الخاص من حزم التحفيز التي سبق الإعلان عنها، التي تصل إلى 200 مليار ريال حتى العام ٢٠٢٠، إضافةً إلى تدشين منصة (اعتماد) الرقمية للتعاملات المالية بين وزارة المالية والوزارات والمصالح الحكومية والقطاع الخاص.
في ذات السياق؛ أوضح معالي وزير المالية أن التناغم والقبول لمسيرة الإصلاح من قبل المواطنين يعززان التفاؤل بالمضي قدماً نحو التغيير، والسعي إلى تحسين جودة الحياة، مستشهداً بمشروع القدية الذي تفضله بوضع حجره الأساس خادم الحرمين الشريفين (يحفظه الله)، ضمن المشاريع العملاقة التي يشرف عليها صندوق الاستثمار العامة، ومن شأنها دفع عجلة التنمية المستدامة.
في المقابل؛ نوه معاليه إلى وجود بعض التحديات القائمة، فبالرغم من هذا التقدم المتسارع والملحوظ في الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، الذي يؤكد جديّة الحكومة والتزامها بتحقيق مستهدفات الرؤية، فان عملية التخطيط تستلزم التعرف على التحديات والمخاطر المحتملة لضمان عدم الانحراف عن المسار، ومن هذا المنطلق تقوم الوزارة بإعداد إطار شامل ومتكامل لإدارة المخاطر المالية والاقتصادية، ومواجهة تلك المخاطر بتطبيق السياسات المناسبة. مشيراً معاليه إلى أن أية عملية إصلاح قد تنطوي عليها خيارات صعبة، وهذا ليس بخاف على واضعي السياسات والبرامج ومنفذيها، الذين وضعوا الحلول لتجاوزها أو الحد من آثارها.
وقبيل ختام كلمته، سجّل معالي الأستاذ محمد الجدعان وزير المالية ثلاث وقفات مهمة. الأولى هي التأكيد على أن هذه الانجازات ما كانت لتتم بعد توفيق الله إلا بدعم كبير من قيادة شابة أشعلت الطاقات والهمم في كل زوايا هذا الوطن. فشكر معاليه سمو ولي العهد محمد بن سلمان، الذي أصبح ملهماً للجميع وقدوة في بذل الجهود لتحقيق النجاح. والثانية وجهها نحو شابات وشباب هذا الوطن. الذين أثبتوا فعلياً وبشهادة الجميع أنهم قادرون على قيادة هذا التغيير. أما الثالثة فكانت لحماة الوطن الذين يبذلون في سبيل الله، وحماية الوطن الغالي والنفيس. فهيئوا لهذا الوطن الأجواء المستقرة لتنفيذ كل تلك الإصلاحات بكل أمن وأمان.
وفي الختام؛ تطلّع معاليه إلى أن يواصل مؤتمر يوروموني السعودية 2018م نجاحاته ويحقق أهدافه المنشودة، والإسهام في الطرح البناء للقضايا والمواضيع،التي تهم الأوساط الاقتصادية والمالية، واقتصاد المملكة بشكل خاص.
الجدير بالذكر أن جلسات المؤتمر على مدار يومين تشمل عدة مواضيع وفعاليات، من أبرزها جلسة خاصة عن البنية التحتية للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وحلقة نقاشية حول الاقتصادين السعودي والعالمي، التي من خلالها سيتم معرفة أبرز المستجدات حول رؤية المملكة 2030، وأسواق رأس المال للديون.وجلسة خاصة عن الشركات الصغيرة والمتوسطة من حيث آفاق هذه المشاريع في المملكة، وأسواق رأس المال والاستثمار الأجنبي في الأسهم السعودية، وعمليات الخصخصة والاكتتابات، والفرص الاستثمارية الجديدة، وموضوع العقارات وديناميكيات هذا السوق، إلى جانب قطاعي السياحة والترفيه.